لا فارق بين الإسبريسو والكابتشينو

يُحكى أن محلًا لتقديم القهوة اشترى (روبوتًا) يعمل بالذكاء الاصطناعي، لتقديم الطلبات إلى الزبائن، بهدف تقليل الأيدي العاملة من البشر، وبالتالي ترشيد النفقات. أحد الزبائن نظر إلى (الروبوت) بدهشة بعد وصول طلبه، وقال الزبون: أنا طلبت (إسبريسو)، فلِم جئت لي بقهوة (كابيتشينو)؟! ففاجأه (الروبوت) بالرد: حسب برمجتي، لا فارق بين الإسبريسو والكابتشينو فكلها مشروبات ساخنة.

هذه الحكاية تُعبِّر جدًا عن حال شركات كثيرة تتحمس لتطبيق الذكاء الاصطناعي، لكنها تقفز مباشرة إلى مرحلة “الأتمتة” دون المرور بمراحل التطور الطبيعي والمنطقي – في رأيي – لتوظيف الذكاء الصناعي، وهذه الشركات تواجه –عادة- حالة “التخبط” نفسها التي واجهها هذا الروبوت.

في المقال السابق، حددت إطارًا لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ينبع من استراتيجية الشركة، وأعطيت مثالًا للأهداف العامة، وكيف يمكن أن نحدد أسلوب وإستراتيجية منسقة وناجحة لتقليل النفقات وتشارُك الخبرات في الشركات.

وفي هذا المقال أتحدث عن التطور الطبيعي والمنطقة لبناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فلكي نُقلل المخاطر ونصل إلى الفاعلية الكاملة في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لابد أن نمر بثلاث مراحل متتالية ومتدرجة، كل مرحلة منها تعتمد على منتجات المرحلة السابقة.

هذه المراحل هي:

– التقييم: أي تقييم وفهم وضع الشركة الحالي، وفي قصتنا يتعرف الروبوت في هذه المرحلة الفرق بين المشروبات

– المساندة: وهي تطبيقات يمكنها مساعدة البشر في اتخاذ القرار، وهنا يساهم الروبوت في خدمة الزبائن و يصحح البشر قرارات الروبوت

– الأتمتة: هي المرحلة الأخيرة التي تكون واثقًا عندها من مُخرجات الآلة، بحيث يمكنك السماح لها بمعالجة المهام بأمان.

وكل مرحلة من هذه المراحل لها آلياتها الخاصة، من لوغاريتمات، وتقارير، وحساب المخاطرة، ومؤشرات تؤكد لك إمكانية الانتقال إلى المرحلة التالية.

جمعنا مبادرات من كل قسم من أقسام الشركة وربطناها باستراتيجية الشركة، ولدينا ثلاث مراحل يجب أن تمر بها لبناء نظام ذكاء اصطناعي على أسس عملية لتحقيق هذه المبادرات، وهي (التقييم، المساندة، الأتمتة)، ويمكنك من خلال هذه كله تطوير مؤشرات أداء لقياس التقدم في تفعيل وتوظيف الذكاء الاصطناعي في منشأتك.

لقد تابعتُ الخُطى العملاقة التي نتخذها بهدف التقدم في المؤشرات الدولية في جوانب مختلفة، وتابعتُ أيضًا قمة الذكاء الاصطناعي، وهو تجمع مؤثر جدًا في طريق صناعة مستقبل. وأعلمُ تمام العلم أننا نطمح في أن نكون دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن لكي نكون دولة رائدة بالفعل، يجب أن نقدم مؤشرات قياس لتقدمنا ونجاحنا، بحيث يمكن مقارنة هذه المقاييس بنظيرتها عند الآخرين، مع معايير ثابتة تجعل هذا القياس ناجحًا لدى الجميع.

وحسب علمي، فإنه لا يوجد مقياس دولي لقياس توظيف الذكاء الاصطناعي في الحكومات والدول، لذلك دعونا نبدأ ونأخذ زمام المبادرة لتطوير مؤشرات الأداء الرئيسية الحكومية الخاصة بنا في تفعيل دور الذكاء الاصطناعي، وأن نقدم عروضًا تثير إعجاب العالم وتلفت أنظاره إلينا في قمة الذكاء الاصطناعي المقبلة.

ولكن، هل تعلم أن الذكاء الاصطناعي ليس حلًا لكل المشاكل؟ فنم قرير العين أبا عاصم. فمن هو أبا عاصم وما علاقته بالذكاء الاصطناعي، هذا ما ستقرأه ان شاء الله في المقال القادم

لماذا تفشل المنشآت في الإبداع؟

مع التطور الذي تشهده الآن مملكتنا والمُبشّر بمستقبل مُشرق تتحقق فيه رؤيتنا 2030، خصوصا بعد إعلان سمو ولي العهد عن مدينة ذا لاين الذكية؛ لم يعد هناك مكان في المستقبل للمنشآت الغير مبدعة، ولم يعد هناك مجال لاستمرار مثل هذه المنشآت لفترة طويلة بدون تغيير وتطوير. لذا أود إلقاء الضوء معكم والإجابة على تساؤل مهم، لماذا تفشل بعض المنشآت في تحقيق الإبداع؟!

في حقيقة الأمر، الإبداع يحتاج إلى أعمدة أساسية يرتكز عليها، ومن أهم هذه الأعمدة الاهتمام بالعنصر البشري في المنشأة. فتوفيرك لبيئة عمل مُريحة، واهتمامك بمتطلبات العاملين، واستخدام إستراتيجيات عمل أكثر مرونة؛ كل هذا وغيره من الأساليب الحديثة لإدارة العنصر البشري بإمكانه التأثير على إنتاجية أفراد المنشأة، مما يُساهم بشكل كبير في تحقيق الإبداع.

إلى جانب ذلك، من المهم أيضاً الاهتمام باستراتيجيات الإدارة بشكل عام. من الضروري التأكد من وجود إدارة مرنة تتقبل التغيير والتطوير، وتسمع للمتخصصين، وأيضاً لا تتردد في اتخاذ قرارات جريئة نحو مستقبل أفضل للمنشأة، فمن أكثر ما يُعيق المنشآت عن الإبداع هو العمل وفقأ لما يُسمى بالـ Fixed Mind، أي العمل بعقلية ثابتة لا تسعى للتغيير والتطوير، ولا تؤمن بأنه من الممكن تطوير القدرات والمهارات بشكل مستمر.

وفي حقيقة الأمر، قرار التغيير على الرغم من أهميته، إلا أنه يُعد من أصعب القرارات؛ ففي إحدى الدراسات التي أجرتها الشركة الاستشارية والتقنية الأمريكية IBM على عدد من قادة الأعمال والرؤساء التنفيذيين، أعرب الكثير منهم عن شعورهم بقلة الثقة، تجاه إدارتهم للتغييرات القادمة بشكل ناجح. لكن مواكبة تغييرات هذا العصر تدفعنا جميعاً لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب الذي يحتاج إلى دراسة دقيقة، وتجنب بعض الأخطاء الشائعة في الفكر المؤسسي، والمُتمثلة في ثلاث افتراضات؛ تحدثت عنهم رائدة الأعمال، نادية زيكسمباييفا، في مقالها بمجلة هارفرد.

أولها: الاعتقاد الشائع عن ضرورة التعلم من أفضل الممارسات العالمية في عالم الإدارة؛ حيث أنه ووفقاً لدراسة قامت بها كلية كيلوغ للإدارة، فعلى عكس ما يتوقعه الجميع؛ فإن مشاركة إخفاقات المنشآت والتعلُم من فشل الآخرين يمنح أفكاراً جديدة بنسبة 26% أكثر مما تمنحه مشاركات قصص النماذج الناجحة. كما أنها أثبتت أن هذه الإخفاقات نتج عنها أفكاراً في مجالات عديدة وقطاعات أوسع بنسبة 15%.

أما الافتراض الثاني؛ فهو القول بأن “ما دامت الأمور على ما يرام، فلا تُغير شيئاً”؛ ولقد ذكرت زيكسمباييفا أن عدد قليل فقط من قادة الأعمال، من 11% إلى 19% هم المستعدون لتنفيذ التغيير. حيث أن فكرة طرح سيناريوهات سيئة ومناقشتها مع المتخصصين ووضع خطط مستقبلية فعّالة قد انخفضت نسبة استخدامها من 65% عام 2011، إلى 19% فقط عام 2018؛ بالتالي فلقد قل الحافز الذي كان يوقظ الإحساس بأهمية التغيير داخل القادة ورواد الأعمال، وأصبح العديد منهم يميل إلى الاستقرار الروتيني.

أما الافتراض الثالث؛ يتمثل في اختيار المنشآت لعدم استغلال ممتلكاتها بمشاركتها مع منشآت أخرى. فغالباً ما تُجمّد المنشآت أموالاً في ممتلكات لا تستخدمها طوال الوقت، ولكن في الحقيقة أن هذه المنشآت تستطيع الاستفادة من مثل هذه الممتلكات خلال أوقات نقص السيولة. وهناك العديد من الأمثلة لمنشآت استطاعت استغلال ممتلكاتها ومشاركتها حتى مع منافسيها من أجل توفير بعض المال، وزيادة مرونة سير العمل داخل المنشأة؛ ومن هذه الأمثلة مستشفى “ألبرت شفايتزر” بهولندا، التي صممت منصة باسم WinWin، وهى منصة تتيح مشاركة المعدات والمرافق والمخزون والموظفين بين مختلف أقسام المستشفى؛ مما يجعل الأمر سهلاً لهذه المستشفى لمشاركة تلك الممتلكات أيضاً مع مستشفيات أخرى إذا تطلب الأمر، وبالتالي تزيد فرصة الاستفادة من إمكانات المنشأة.

في النهاية؛ أود القول إن التغيير والبحث الدائم عن أحدث وأفضل الاستراتيجيات والأساليب الإدارية يحفّز العاملين أيضاً على الابتكار، مما يخلق بيئة عمل إبداعية تحقق النجاح المرغوب بأقل قدر من الخسائر والأخطاء؛ وتزيد من فرصة استمرارية المنشأة ونجاحها بين منافسيها في ظل ظروف التطور السريع الذي يعيشه العالم هذه الأيام، ومملكتنا بخطواتها المتسارعة نحو تحقيق رؤية عالمية طموحة، تحتاج منّا جميعاً الإبداع في تقديم الحلول

العمل المؤقت

مع ازدياد احتياج المنشآت إلى أصحاب المهارات الرقمية وصعوبة توظيف أصحاب المهارات المناسبة، ومع وجود تغيير في أفكار ورؤية الأجيال الجديدة للعمل، ووجود العديد من الوظائف الشاغرة في المنشآت، اتجهت بعض المنشآت إلى العمل مع أنواع مختلفة من الموظفين المؤقتين، مما كوّن قوى عاملة تعمل بنظام العمل المؤقت في الأسواق، وهم الأشخاص الذين يتم توظيفهم من قبل منشأة ما لفترة زمنية محددة للقيام بإنجاز مشروع محدد أو القيام بمهام في فترة محددة، مما أصبح لدى الكثير من المنشآت قوى عاملة تتكون من مزيج بين الموظفين المنتظمين والموظفين المؤقتين، فكيف يمكن للمنشآت السعودية الاستفادة من القوى العاملة المؤقتة من خلال ممارسة الأساليب الصحيحة لتوظيفها؟.

هناك العديد من المميزات التي يمكن أن تستفيد بها المنشآت من خلال توظيف قوى عاملة مؤقتة، منها القدرة على الوصول إلى أفضل المواهب، حيث هناك العديد من أصحاب المواهب والخبراء الذين لا يرغبون في الانضمام إلى منشأة بوظيفة بدوام كامل، لكنهم قد يرغبون في العمل مع المنشآت بناءً على المشروع أو بعض المهام، هناك العديد من العمال والموظفين الذين لديهم ظروف خاصة تمنعهم من الالتزام بدوام كامل ولديهم مهارات وإمكانات من الممكن أن تضيف للمنشاة، أيضاً يوفر توظيف قوى عاملة مؤقتة للمنشآت عامل المرونة، حيث يمكن توظيف عدد من الأفراد خلال وقت الحاجة، ويمكن تقليصهم بسهولة وسلاسة في الوقت الذي لا تحتاج إليهم المنشأة، كما يوفر هذا النظام من العمل المرونة أيضاً للموظفين أنفسهم.

تعامل المنشأة مع القوى العاملة المؤقتة يوفر الكثير من النفقات، فعند تعاقد المنشأة مع موظف غير دائم لمشروع ما فهذا يعني أن المنشأة تدفع للموظف في الوقت الذي تحتاج إليه فقط، كما يجنب المنشأة العديد من النفقات والمصروفات الأخرى المدفوعة للموظفين بدوام كامل، والتي تشمل المزايا مثل التأمين والإجازات مدفوعة الأجر ومكافآت التقاعد وغيرها.

في بعض الأوقات تحتاج بعض المنشآت إلى أشخاص للقيام بمهام محددة وغير دائمة، مثل استشارات وخطط التطوير وغيرها من المهام التي ربما لا تحتمل بعض المنشآت توظيف أشخاصاً دائمين للقيام بها، كما أن الاستفادة من وجهات النظر خارج المنشأة قد تفيد بشكل أكبر بكثير من وجهات نظر الأشخاص المقتربين بشدة من العمليات اليومية، فقد يصعب عليهم رؤية بعض النقاط التي ربما تحتاج إلى خبير غير مرتبط بالمنشأة لرؤية الأمور بشكل أوضح.

التعامل مع القوى العاملة المؤقتة يكون بشكل أسرع في عملية التوظيف من توظيف الموظفين بشكل دائم، مما يسمح بحل المشكلات التي تواجه المنشآت بشكل أسرع، كما لا يكون هناك حاجة للمنشأة في تدريب الموظفين لأنه غالباً ما يكون العاملين المؤقتين لديهم خبرة كافية ودرجة عالية من التخصص في المجال الذي يعملون فيه.

هذه بعض المميزات للعمل مع القوى العاملة المؤقتة، لكن بالطبع هناك تحديات تواجه المنشآت في تنفيذ هذه الطريقة من العمل ويمكن التغلب عليها بالممارسات الصحيحة للعمل مع القوى العاملة المؤقتة، سأتحدث عنها في مقال قادم بمشيئة الله تعالى.

الشهادات أم المهارات

كان ولا يزال النقاش حول التوظيف بناءً على المهارات وليس الشهادات الجامعية مثيراً للعديد من التساؤلات والجدل نحو كيفية رؤية مستقبل العمل في ظل هذا التوجه، وكنا قد تابعنا منذ عدة سنوات اتجاه عدة شركات كبرى مثل Google، Apple، IBM، وغيرها نحو عدم الاحتياج إلى الدرجة الجامعية في بعض وظائفها، ومنذ ذلك الحين كثر الحديث حول أهمية تحسين وتطوير المهارات التي يحتاجها سوق العمل في المستقبل – وكنت قد تحدثت عن تلك المهارات في عدة مقالات وتدوينات سابقة – إلا أن قرار الرئيس الأمريكي منذ يومين بتوجه الحكومة الفيدرالية الأمريكية إلى تعديل ممارسات التوظيف لإعطاء مهارات المتقدمين أولوية عن الشهادة الجامعية يعتبر نقلة هامة في التحول إلى هذا التوجه عالمياً في المستقبل.

الاعتماد على الممارسات التقليدية العتيقة في عملية التوظيف يؤدي بالعديد من المنشآت إلى اتخاذ قرارات توظيف سيئة، لكن الاعتماد على التوظيف القائم على المهارات يؤدي إلى نتائج أفضل بكثير، حيث يمكّن القائمين على عملية التوظيف من تحديد المهارات المطلوبة للقيام بوظيفة ما بشكل مثالي، ثم يتم البحث عن المرشحين المناسبين الذين يمتلكون هذه المهارات وفحصهم واختبار مهاراتهم للتأكد من مناسبتهم للوظيفة، مما يوفر المال والجهد وبالطبع يؤدي إلى نتائج أفضل على مستوى المنشأة ككل.

ومن وجهة نظري أن الاستمرار في الاعتماد فقط على الشهادات الجامعية في عملية التوظيف يضر جميع أطراف العمل، فمن جهة المواهب التي لديها مجموعة من المهارات ولا تملك شهادة جامعية متعلقة بالوظيفة تستحق التوظيف في وظائف جيدة والقيام بأدوار مهمة، ومن جهة أخرى المنشآت تخسر كوادر قد تساعدها على تحقيق أهدافها بشكل أفضل والنمو بشكل أسرع، لذا الحل في أن تعمل أقسام الموارد البشرية في المنشآت إلى تكيف ممارسات التوظيف الخاصة بها والنظر إلى المهارات كعامل أساسي في تقييم المرشحين وليس الاعتماد فقط على الشهادات الجامعية.

إضافة إلى ما سبق مع تفشي فايروس كورونا وتأثيره على الوضع الاقتصادي العالمي وزيادة نسبة البطالة في عدد من القطاعات الرئيسية حول العالم، يتطلب من الكثيرين اكتساب مهارات جديدة تمكنهم من القيام بأدوار مختلفة وأكثر ضرورة تساعدهم في الحصول على وظائف جديدة تتماشى مع الوضع الجديد، وهذا يؤدي بنا إلى الحديث عن نقطة مهمة وهي عملية التعليم لاكتساب المهارات، فهذا الاتجاه لا يعني أبداً الاستغناء عن التعليم الجامعي وتحصيل الشهادات العلمية، إنما ينبغي التركيز على أن يكون التعليم مسانداً لاكتساب المهارات التي يحتاجها العمل، فالمتوقع أن يحدث تغييراً كبيراً في عملية التعليم جنباً إلى جنب مع التغيير في عملية التوظيف، حيث سيتم الاتجاه أكثر في بعض الوظائف والمهن إلى التعليم الصناعي والتعليم والتدريب المهني والشهادات المصغرة، وظهور نماذج جديدة في عملية التعليم.

أخيراً أود الإشارة إلى أنه مع التطور الهائل الذي يشهده سوق العمل يومياً تتسع فجوة المهارات المطلوبة لمواكبة هذا التطور وتزداد الوظائف المستحدثة، ومع صعوبة الاعتماد على أنظمة الموارد البشرية التقليدية لسد هذه الفجوة، أتوقع ظهور العديد من الأدوات التقنية التي تساعد المنشآت في البحث عن المواهب أصحاب المهارات والتأكد من مطابقتها لاحتياج المنشآت لتسهيل عملية التوظيف القائم على المهارات.

متى تستقيل؟

في إدارة الموارد البشرية هنالك مفهوم يعرف بالدوران الوظيفي وهو معدل عدد المرات التي يغير فيها الموظف عمله خلال مسيرته المهنية، ويلقب بعض المختصين ذلك بمعدل الإستقرار الوظيفي وغيرها من التعريفات الحديثة. وهنالك جدل أقرب للبيزنطي مابين من هو مؤيد للإستقرار في منشأة واحدة لسنوات طويلة (وهو أمر غير صحي في أغلب الأحوال) وهنالك من هو يعارض ذلك وينادي بالتغيير المستمر للعمل (وهو امر أيضا غير صحي في اغلب الاحوال)، لأن الأمر يحتاج الى معادلة يتم تقييمها بشكل دوري للتأكد ما اذا كان البقاء في هذه المنشأة امر صحي ام عليك المغادرة . والأكيد أن لكل من تلك التوجهات مزايا وعيوب تستوجب تسليط الضوء عليها للاجابة على العديد من الاستفسارات التي تصلني يوميا في هذا الشأن.

فإذا ما نظرنا لمن يؤيد الاستمرار لسنوات طويلة في منشأة واحدة بل ويدعم ذلك بداعي الإستقرار الوظيفي، كون البعض يقضي حياته المهنية ولعشرات من السنين في نفس المنشأة وقد يتقاعد عن العمل منها، ولا ضير في ذلك، لكن يجب أن يعي الموظف مزايا وعيوب ذلك التوجه. لأن الإستمرار بالعمل لسنين طويلة في نفس المنشأة بسبب قوة المنشأة وجاذبيتها، قد يكون بسبب خوف الشخص من التغيير وعدم ثقته في قدراته بالحصول على عمل أفضل، بل اقول لهذا النوع من الموظفين وبصوت عال بأنكم لن تحصلوا على (قفزات وظيفية) في نفس المنشأة (وهي الإرتقاء بشكل كبير ولدرجات مضاعفة بوقت قصير مما يضاعف دخلك الشهري) بل قد تتحصل على ذلك عند تغييرك لعملك، وهذا ما شهدناه في الكثير من المنشآت وفي قطاعات مختلفة طيلة السنوات الماضية.

قد تشعر هنا بما يعرف بالامان الوظيفي بسبب إستقرارك لفترات طويلة في هذه المنشأة ويتلاشى معها خوفك من التغيير، لكن يجب أن تتأكد أن تطورك في هذه المنشأة (إن وجد) سيكون بطيء وتدريجي، وغالبا ما ستكون بمعزل عن الفرص المتاحة في سوق العمل، وأضف إلى ذلك أن الإستمرار بالعمل لسنوات طويلة في نفس المنشأة يجعلك تتنفس تلك المنشأة وتعيشها ليلا ونهارا ولذلك ستكون فرصك الوظيفية خارج اسوار تلك المنشأة محدودة بسبب عدم قدرتك على التغيير بعد كل تلك السنين.

من جانب آخر، قد يكون التغيير المستمر للعمل أمر لا يدعم الإستقرار الوظيفي، لكنه يسرّع وتيرة التطور الوظيفي إذا ما تم إختيار اوقات الخروج المناسبة والوجهات المقبلة، بل أن ذلك قد يكسبك خبرات متنوعة ذات قيمة أعلى من غيرها، حيث تشير الدراسات إلى أن هنالك معدلات مقبولة للدوران الوظيفي وتغيير العمل، فخلال فترة 25 سنة عمل لا يجب تغيير العمل أكثر من 8 مرات وهذا يعطينا معدل 3 سنوات كحد أدنى لتغيير العمل، أما من يتجاوز ذلك وتزداد معدلات تغييره للعمل فحتما أنه يحتاج لمراجعة جودة ما يقدمه من أداء، والعمل بجد على تطوير مهاراته وإكتساب موهلات علمية جديدة.

وفي الختام إذا كنت مرهق ودائما ما تشعر بالقلق والارهاق من وظيفتك إبحث عن بديل وإستقيل ، وإذا كنت تكره عملك ومن تعمل معهم فإبحث عن بديل وإستقيل، أما إذا كنت تعمل بشركة تنهار إبحث عن بديل وإستقيل وإذا أثر عملك على صحتك وحياتك الشخصية فإبحث عن بديل وإستقيل، اما إذا لم يتم تدريبك ولا إستثمار مهاراتك إبحث عن بديل وإستقيل،

الخلاصة: تأكد أن الأمان الوظيفي بعد الله موجود في خبراتك وموهلاتك ومهاراتك وليس بمكان آخر، فلا تقلق.

دمتم بخير،،،

اختيار الموظف.. قرار بالغ التأثير على مسيرة العمل

أصبحت عملية اختيار الموظفين لأيّ جهة عمل من العمليات شديدة الأهمية على نجاح تلك الجهة ومستقبلها بين منافسيها في الأسواق المماثلة، ومن هنا تتفق جميع مدارس الموارد البشرية على أن قرار تعيين الموظف هو قرار إستراتيجي بالغ التأثير والفعالية على قوة وتماسك منظومة العمل داخل المؤسسة بكاملها، وبالإضافة إلى أهمية هذا القرار فإنه يتميز أيضاً بالصعوبة والتعقيد لتشابك وتعدد أسواق العمالة واختلاف مصادرها وروافدها المحلية والأجنبية.

ومن أجل تجنب الأخطاء الكبرى في اختيار الموظف، أوصى الدليل العملي للموارد البشرية للباحثتين «شون سميث – ريبيكا ماينعليك» باتباع عدد من الخطوات المهمة لاختيار الموظف الناجح منها أولاً تحديد مسمى الوظيفة، وحصر مهام القائم بها، ومواصفاته الشخصية والعلمية وخبراته العملية وسيرته الوظيفية السابقة، ثم اختيار الشخص الذي سيقوم بمقابلته والقادر على الوصول إلى مكامنه وجوانبه الخفية، ثم الاتفاق معه على حدود مهامه وراتبه وحوافزه ومهامه ومعدلات الإنجاز والتطوير.

وأشار الدليل إلى أن شبكة الإنترنت تعد من أهم العوامل المساعدة في الوصول إلى اختيارات صائبة إلى حد كبير، ومن ثم عليك الاستعانة الكاملة بها وأنت تخوض مهمة تكوين فريق عملك وموظفيك، وأولى خطوات تلك الاستعانة، أن يكون لمؤسستك موقعها المتميز على الشبكة إضافة إلى صفحات التواصل الاجتماعي المتعددة، فكل ذلك يسهل الوصول إليك من قبل الراغبين في العمل لديك، ويحيطهم ببيئة العمل ومجالاته وثقافته وآفاقه المستقبلية والواعدة من خلال أسلوب الحديث، والصور، وروابط الفيديو، وتعليقات الموظفين، كما تمكنك تلك الوسائل من نشر إعلاناتك عن الوظائف المتاحة لديك والشاغرة في مؤسستك، ووضع روابط للاطلاع على تفاصيل الوظيفة المطلوبة.

وبعد التخطيط للمقابلة الشخصية هناك عدد من العناصر التي تساعدك في إجراء مقابلة ناجحة ومثمرة، منها، أولاً: الترحيب بالمرشح للوظيفة، وتهيئة المناخ العام للوصول إلى لقاء جيد ومفيد، وكسر جبل الجليد التقليدي بين الطرفين، عبر إشعاره بالألفة والراحة.. ثانياً: طرح أسئلة لتحديد المؤهلات، وتوجيه المحادثة نحو التعرف على خلفية المرشح ومؤهلاته للوظيفة.. ثالثاً: عندما تنتهي من طرح كل الأسئلة التي تظن أنها مهمة، من الضروري أن تمنح المرشح وقتاً لطرح أسئلته، وفرصة للتعبير عن انطباعاته ورؤاه للوظيفة وللعمل بالمؤسسة بشكل عام، فينبغي أن يغادر الشخص المقابلة ولديه صورة أساسية وواضحة عن المؤسسة والوظيفة والشعور بأن هذه المؤسسة ستكون مكاناً جيداً للعمل.. رابعاً: من المهم أن يكون أحسن ما في المقابلة هو ختامها، فهو آخر فرصة متاحة ومناسبة لطرح أية أسئلة إضافية من طرفك.

من الضروري لاستكمال مهمة اختيار الموظف بنجاح، عليك التأكد من صدق أوراقه ومستنداته التي تقدم بها للعمل لديك، فمن الواجب السؤال عن الموظف في جهة عمله السابقة، لمعرفة حقيقة قدراته الوظيفية، ومدى حجم الإنجازات التي حققها، والأسباب الحقيقية وراء تركه العمل السابق، وعلاقاته بالمرؤوسين، وأسلوبه في الإدارة والتواصل والتفاعل مع أعضاء فريقه، ولاكتساب وتشكيل رؤى أخرى.

وأورد الدليل طريقة متابعة الموظف بعد تعيينه وذلك عبر مراقبته ومتابعته جيداً في فترة عمله الأولى.. وبشكل عام تتراوح فترة الاختبار في أيّ مكان ما بين ستين يوماً إلى ستة أشهر. عليك المبادرة وإعلام الموظفين الجدد بشروط فترة الاختبار ومدتها، إما من خلال خطاب وإما بالرجوع إلى دليل التوظيف، ولا بد أن تذكر في شرحك وتوضيحك لهذه الأمور أنه يحق أو للموظف إنهاء التعاقد في أيّ وقت خلال هذه الفترة بسبب أو من دون سبب وحتى من دون إشعار مسبق.

عندما يكون لديك موظف جديد لا يؤدي الأداء المطلوب، اسأل نفسك أولاً: هل نقلت له توقعاتك بوضوح من البداية أم لا؟.. ثم ابحث إن كانت هناك مشكلة أخرى بشأن علاقات العمل أو التواصل، وهل يمتلك الموظف بالفعل المعرفة والمهارات اللازمة لإنجاز عمله والإبداع فيه. أخبِر الموظف أن أداءه ليس مقبولاً، ثم حدد فترة زمنية وجيزة خلال فترة الاختبار حتى يُظهِر تغييراً في أدائه. ينبغي أن يكون متوقعاً من الموظفين الجدد إظهار أفضل ما لديهم من مهارات وسلوك حسن، أما من يأتون بسلوكيات سلبية أو مشكلات في العلاقات والتواصل فينبغي الاستغناء عنهم فوراً ومن دون إبطاء. وفي هذه الحالة لا ترتكب خطأ تمديد فترة الاختبار لإعطاء الموظف فرصة أخرى.

لن تكون قدوة بالكلام.. بل بالسلوك!

يقول علماء التربية أن أهم وأخطر المناهج تأثيرًا على الآخرين هو «المنهج الخفي»، وسمي بالخفي لأنه غير مكتوب ولا مقروء، ولا يلقن عبر الدروس والمحاضرات كبقية المناهج التقليدية المعروفة، ويمكن تسميته بالمنهج السلوكي، حيت يرتكز صلب هذا المنهج على التعليم عبر السلوك والقدوة والتطبيق العملي من الفرد أمام وحدة المجتمع التي يستهدفها ويعيش بينها، فإذا كنت تراجع نفسك مرة قبل أن تلفظ بالكلمة، فعليك أن تراجعها ألف مرة قبل أن تقوم بفعلك وسلوكك.

فسلوكك في الأسرة أمام أولادك وأهلك هو «المنهج الخفي» شديد التأثير والفعالية على تربيتهم ونشأتهم القيمية والسلوكية في المجتمع، سلوكك هو القدوة لرعيتك الصغيرة التي أنت مسؤول عنها أمام ربك وضميرك، إذا كنت مقيمًا للصلاة، وصادقًا في التزامك بشرع دينك وتعاليمه الخاصة بالوطن والجار والشارع وذوي القربى وغير ذلك من واجبات المسلم، وإذا كنت كريم الأخلاق عف اللسان واليد، فسوف ينشأ أولادك على كل ذلك دون أن تبذل أية مشقة أو تعب، أما إذا كنت ممن يلقون على أولادهم الدروس والمواعظ الدينية والقيمية ليل نهار، ولا تفعل أمامهم بما تأمر به، وإذا كنت تدخن بشراهة وفي نفس الوقت تنهاهم دائمًا عن التدخين، فلا طائل من مواعظك ولا رجاء في نواهيك، حيث يقع سلوكك هذا ضمن «المنهج الخفي» السلبي، الذي يربي الأطفال على النفاق، والتعامل مع المجتمع بوجهين متناقضين، والانفصام الشخصي الناجم عن التضاد بين القول والعمل، وهنا يكبر الطفل حاملاً نفس سلوك والده الذي أصبح بالنسبة له قدوة «سيئة»، ويتحقق قول الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا

على ما كان عوده أبوه

ينطبق نفس الأمر على سلوكك في العمل مع رؤسائك ومرؤوسيك، المواظبة على مواعيد العمل، مع إتقانه وإجادته، والحرص على الإبداع في كل مفرداته وتفاصيله، إضافة إلى تقدير قيمة الوقت وعدم إهداره وتضييعه دون جدوى أو فائدة، كن حريصًا على نقل الخبرات المتراكمة لديك، والاتجاهات وكل القيم التعاونية الفاعلة، إلى الموظفين والعمال بالمؤسسة، من أجل تنمية الإحساس بالمسؤولية الجماعية بدلاً من الفردية، واعتبار العمل التعاوني قيمة اجتماعية مضافة، وأن الإبداع الجماعي أكثر ثراء وأوسع أفقًا من الإبداع الفردي.

من هنا لا تنظر إلى القمة على أنها مدببة، لا يقف عليها إلا أنت ولا تسع غيرك، كن ممن يعتبرونها مسطحة واسعة؛ فالنجاح يسع الجميع إلى جوارك، فالله سبحانه وتعالى «واسع» الرزق والعطاء، يده مع الجماعة، وعونه لمن يعين إخوانه على الخير، ويدفعهم إلى سبل التميز والترقي من خلال استخدام أساليب العمل الجماعي والمواجهة البناءة، في التفكير وحل المشكلات وترتيب الأولويات بين أعضاء الفريق أو الإدارة أو حتى المجموعة سواء كانت كبيرة أو صغيرة.

ولو رجعنا إلى سيرة القادة والمصلحين والمميزين في أعمالهم لوجدناهم أحرص الناس على تطوير قدرات وكفاءة من يعملون معهم أكثر من حرصهم على تطوير أنفسهم، لإيمانهم القوي بأهمية وحتمية تنمية رأس المال البشري؛ فالإنسان هو القاطرة العملاقة للتنمية الشاملة في الوطن، لذا كن أنت المبادر ولا تبخل على موظفيك وعمالك بالاستشارة، ارض لهم ما ترضاه لنفسك، أحبب لهم ما تحبه لأولادك، لا تقف في سبيل ارتقائهم، حفزهم بكل المحفزات الممكنة من أجل تميزهم ونجاحهم، لا تحرمهم من الفرص التي تراود أحلامهم، ولا من الآمال التي تسكن قلوبهم وتداعب خيالهم؛ فهم العمود الفقري، والعصب المركزي لبناء الوطن وتقدمه وازدهاره، وهم جنوده في حماية أمنه والدفاع عن استقراره.

وكما يقول «جاك ويلش» قبل أن تصبح قائدًا، عليك النجاح في كل شيء يعمل على إنماء ذاتك، وعندما تصبح قائدًا، عليك النجاح في كل شيء لتنمي شخصية الآخرين.

نجومية الموظف.. هل هي سِماتٌ خاصة؟ أم نمط خاص في استخدامها؟

الفشل الذي اصطدمت به دراسة إدارية، حاولت وضع يدها على مكمن تميّز الموظف النجم، مقارنةً بالموظف العادي، وجمعت خلالها إجابات طُرحت أسئلتُها على شركات معروفة، تلخّصت في الاعتقاد بأن الموظف النجم أكثر ذكاءً وطموحاً وإتقاناً لعمله ولمهارات الاتصال من نظيره العادي، وأقدر على الابتكار ومعالجة المشكلات.

وخلصت الدراسة إلى تحديد ثلاثِ سِمات يتميّز بها الموظف النجم، هي السمات الذهنية، والشخصية، والاجتماعية.

لكن تحليل عيّنةٍ عشوائية من الموظفين النجوم والعاديين، أثبت أن هذه السمات مشتركة بين الفريقين، ما يعني بطلان أساس الدراسة كلّها.

هذا الفشل في نتائج الدراسة السابقة، دفع الباحثين إلى افتراض أن تميّز الموظّف يكمن في نمط استخدامه للمهارات والسمات، لا في مجرّد امتلاكه لها.

وتمكّن الباحثون -بحسب روبرت كيلي، مؤلف كتاب (كيف تصبح نجماً لامعاً في العمل؟)- من رسم 9استراتيجيات موصلةٍ إلى النجومية، قد يكون الفرق في ترتيبها ونوعية كلٍّ منها، هو ما يميّز الموظفين النجوم عن العاديين.

احتلّت (المبادرة) المرتبة الأولى في سُلّم هذه الاستراتيجيات، واختلفت أولويتها ونوعيّتها بين الفريقين، فبينما تقتصر نوعية المبادرة لدى الموظف العادي على تحسين وتسريع أداء مهامّه دون غيرها، يبحث الموظف النجم -بدافع ذاتي- عن الفرص ويتحيّنها، ليتقدّم بنفسه وبشركته خطوةً وخطوات إلى الأمام.

بينما تمثلت الاستراتيجية الثانية في (شبكات العلاقات)، وهي الأخرى تختلف بين الفريقين في نوعيتها ومردودها الإيجابي لمصلحة العمل، فبينما تقتصر علاقات الموظفين العاديين على سماع وتبادل الأحاديث الجانبية والشائعات والنكات، يسعى الموظفون النجوم إلى استثمار العلاقات بالسؤال والحديث عن سُبل تطوير العمل، والإلمام بالاختصاصات المختلفة.

أما الاستراتيجية الثالثة فحملت عنوان (إدارة الذات)، وكَمُنَ الفرقُ بين الموظفين العاديين والنجوم في هذه الاستراتيجية، في تفسير الموظف العادي لإدارة الذات بأنها إدارة للوقت، لتقسيم الأعمال المطلوبة منه في المدة المحدّدة لإنجازها، بينما يجد الموظف النجم الوقتَ الكافي لإنجاز المزيد من المهامّ والمبادرات.

الاستراتيجية الرابعة حملت لافتة (رؤية الصورة الكاملة)، وفي هذا الاستراتيجية يبحث الموظف النجم عن الرؤى المهمة المختلفة، ويسعى إلى بلورتها وتطبيقها عملياً، في حين يكتفي الموظف العادي بإطلاق الشعارات وتكرارها أمام الإدارة.

(مهارات التبعية) هي الاستراتيجية الخامسة من استراتيجيات النجومية الوظيفية، وتتعلّق بطبيعة علاقة التبعية بالرؤساء والمتنفّذين في المؤسسة، إذ يُتقن الموظف النجم أسلوب التبعية الإيجابية.

أما الاستراتيجية السادسة فتتعلّق بـ(مهارات القيادة)، التي يختزلها الموظف العادي في القدرة على فرض الرأي والسيطرة على الآخرين، بينما يمارس الموظف النجم قيادةً هادئة من غير سلطة ولا استعراض.

أما (روح الفريق) فهي الاستراتيجية السابعة، وهي بالنسبة للموظف العادي، مجرّد الانضواء تحت لواء فريق من فرق العمل، فيما يسعى الموظف النجم إلى تفعيل المشاركة الحقيقية لا المظهرية، وإلى الاستفادة من كلّ أعضاء الفريق لإنجاز المهام.

الاستراتيجية الثامنة تتّصل بـ(المعرفة التنظيمية)، وتقتصر لدى الموظف العادي على معرفة مواعيد الإجازات بأشكالها، وبدلات السفر والمكافآت وما شابه، بينما يدرك الموظف النجم أن المعرفة التنظيمية تشمل مراعاة المصالح المختلفة داخل المؤسسة، والسعي لتحقيق مصالح كل الأطراف.

وأخيراً.. يَعتقد الموظف العادي أن مهارة (العرض والاستمالة) -وهي الاستراتيجية التاسعة والأخيرة- أهمّ المهارات على الإطلاق، والأولى بأن تكون في المرتبة الأولى، لاعتقاده بأنها تعني القدرة على جذب اهتمام الإدارة، من خلال مهارات استعراضية، بينما يعتبرها الموظف النجم آخر المهارات الأساسية، وأن أهميتها تكمن في السماح بإقناع من حولك بالثقة في خبرتك.

الفرق بين ضبط النفس Self-control والانضباط الذاتي self-discipline

الفرق بين ضبط النفس Self-control والانضباط الذاتي self-discipline

“إن التوقف عن تناول الحلويات والبدء في تناول الخضروات هي وظائف نفسية منفصلة. الأول يستلزم ضبط النفس. والثاني يستلزم الانضباط الذاتي. يمكنك أن تنجح بسهولة في واحدة وتفشل في الآخر. إنها ليست نفس العملية! “–الدكتورة. جوليا ماري اوبراين.
إدراك حقيقة هذا الاقتباس صدمني بشدة. رأيت على الفور آثاره. كما أنني عرفت على الفور أنني قد خلطت بين الاثنين من قبل.
يُعرف قاموس وبستر المصطلحين نفس الشيء تقريبًا. و مع ذلك، من الناحية النفسية، يمكننا تحديد العمليتين بشكل منفصل. ضبط النفس يقول لا، أو توقف. الانضباط الذاتي يقول انطلق، و استمر.
ضبط النفس هو الإنضباط في مواجهة الضغط من الرغبة الفورية أو الإلزام. و يتعلق ضبط النفس بتأخير الإشباع الفوري للحواس. و نضالها هو الصراع بين المعرفة الفكرية والرغبة العاطفية. إنه القرار بين التمتع البدني والنفسي الآن مقابل الأمل أو التوقع لشيء أفضل لاحقًا.
ضبط النفس يجعلنا نتوقف عن القيام بنشاط نقوم به بالفعل، ربما في منتصفه. أمّا الانضباط الذاتي يجعلنا نبدأ مهمة أو مشروع جديد ونتشبث به. ضبط النفس يمنعنا من تناول الكعك (الدوناتس) الثانية عندما تكون في متناول أيدينا. يمنعنا الانضباط الذاتي من التقاط الكعك (الدوناتس) الثانية في المرة القادمة. و يتحدى ضبط النفس العادات.
الإنضباط الذاتي يطلب منا أن نستيقظ و ننهض. أمّا ضبط النفس يمنعنا من الضغط على زر الإغفاء. ينص الانضباط الذاتي على أننا يجب أن نفعل شيئًا، حتى عندما لا نشعر به. إنه يتوقع الاتساق والتخطيط حيث يكون المرح أكثر متعة. و يريد منا أن نلتزم بالمواعيد النهائية، وأن ننتج شيئا، وأن نتقبل تحمل المسئولية.
يتعامل ضبط النفس مع المدى القصير، أمّا الانضباط الذاتي مع المدى الطويل.
إن الافتقار إلى ضبط النفس يمكن أن يمنعنا من ممارسة الانضباط من خلال التخريب الذاتي. بينما الافتقار إلى الانضباط الذاتي يمكن أن يحبط جهودنا في ضبط النفس من خلال عدم الاتساق والتطبيق المتقطع للإنضباط المقصود.
ضبط النفس يعمل على مستوى أكثر بدائية من الانضباط الذاتي. وغالبًا ما يتعلق الأمر بتناول الطعام والتدخين واستهلاك الكحول وغيرها من الملذات البدنية التي توفر الراحة النفسية المؤقتة.
الإنضباط الذاتي هو تطبيق على مستوى أعلى. يتعلق عادًة بالإنجازات و الخطط التطلعية والآمال في الإزدهار والنجاح. كما يتعلق بالحضور الى العمل في الوقت المحدد، و اتباع اللوائح الأكاديمية أو لوائح العمل. و يحثنا على التخلي عن بعض أنشطتنا الحالية لمزيد من الأنشطة المجزية في وقت لاحق. كما يحافظ على نظام تعليمي مدى الحياة. و قد نضع فيه ساعات إضافية لتحسين وضعنا وزيادة دخلنا. إنه يشير إلى أننا نمول برنامج التقاعد الخاص بنا بالكامل ونتجنب ديون بطاقات الائتمان.
إن ضعف ضبط النفس يمكن أن يعيق جهودنا الإنضباطية الصارمة. فنحن نؤذي أنفسنا عندما نشتري سيارة جديدة غير ضرورية أو نرفع مستويات الديون. و في المقابل، فإن الإفراط في الانضباط الذاتي يمكن أن يدفعنا إلى الانغماس في عدم التحكم في النفس من خلال كونه صارمًا للغاية، لا هوادة فيه، والسماح “بعدم المرح و المتعة”.
مرة أخرى، كما هو الحال في العديد من الأماكن، يعد التوازن والاعتدال بمرور الوقت هو المسار الحكيم عند التعامل مع مشكلات ضبط النفس والانضباط الذاتي. حدد المناطق التي يساعدك فيها ضبط النفس. ربما، ابدأ بمراقبة الوزن وقضايا المال. كن واقعيًا حول توقعاتك. حدد نتائج أو أهداف محددة تريدها في هذه المناطق أو المجالات. بعد ذلك، قم بتطوير خطة تتضمن العديد من الخطوات الصغيرة بين مكانك وهدفك النهائي. من الأسهل إسقاط ملعقة كبيرة من المايونيز يوميًا بدلاً من التوقف عن تناولها على الإطلاق.
بالمناسبة، إذا أسقطت 110 سعر حراري من المايونيز يوميًا ولم تستبدلها بشيء أخر، باستمرار لمدة عام، فستفقد 11 رطلاً من وزنك!
لا تعد نفسك للفشل. لا تفرض انضباطًا غير واقعي في مجالات حياتك حيث قد يساعد بعض التعاطف والقبول الذاتي.
أيضًا، إذا كان لديك مجالات مثيرة للقلق، مثل الكحول والمخدرات، قانونية أو غيرها، احصل على مساعدة مهنية. إنها علامة قوة، وليس ضعف، أن تعترف أنك بحاجة إلى مساعدة وأن تحصل عليها.
و أيضًا، قم ببناء قدرتك على فرض الانضباط الذاتي في حياتك. و قم بالتفريق و التمييز بين المناطق التي تحتاج إلى الانضباط والمناطق التي لا تحتاج إليه. ليس من الصحي أن تضبط حياتك تمامًا إلى حد التشدد و عدم المرونة. ادرج بعض وقت لللعب و الترفيه، أيًّا كان الجدول الزمني الخاص بك.

الفرق بين الانضباط الذاتي وضبط النفس في العمل

الفرق بين الانضباط الذاتي وضبط النفس في العمل

Self-Discipline vs. Self-Control
كرئيس، من المحتمل أنك اكتشفت أن العمل ليس سهلًا. و هناك ضغط لإرضاء موظفو التقارير المباشرة الخاصة بك، وأقرانك، وعملائك، وبالطبع رئيسك أيضًا. عندما تتعرض للتوتر و الإجهاد، من المحتمل أن تكون قد أخبرت نفسك أنك بحاجة إلى مزيد من الانضباط وربما التحكم أكثر.
ولكن، هل تعرف الفرق بين الاثنين؟
الانضباط يعني إضافة إجراءات لجعلك أفضل. التحكم يعني تولي المسئولية عما لديك بالفعل ليجعلك أفضل.
ولأنها وظيفة وحيدة، فكونك الرئيس، عليك الاعتماد على نفسك لتتحسن في كليهما. ومن هنا جاءت فكرة الانضباط الذاتي و ضبط النفس. و هذا يعني أن الأمر متروك لك لإنجازه.
الانضباط الذاتي – إضافة أشياء للتحسين.
الانضباط الذاتي يعني اتخاذ خطوات نشطة للتحسن. وبصفتك الرئيس، ستحتاج إلى تجديد الذهن والجسم والروح بشكل مستمر لكي تكون ناجحًا. وهذا يعني خلق روتين جديد والتمسك بهم بشدة. وفيما يلي بعض الاقتراحات:
العقل (Mind)

  • القراءة المركزة. كتب الأعمال و الإدارة.
  • الاستماع إلى البث الصوتي (البودكاست). الأعمال والإدارة والاستراتيجية وما إلى ذلك.
  • ورش العمل و الندوات عبر الإنترنت. My Boss Builder Academy هي مكان جيد للبدء!

الجسم (Body)

  • ممارسه الرياضه. الكارديو، رفع الأثقال، الملاكمة، واليوجا.
  • التغذية. انتبه لما تضعه في جسدك، فكر في الصيام المتقطع. أنا أفعل ذلك و صدق أو لا تصدق عقلك يعمل أكثر وضوحًا.

الروح (Spirit)

  • التأمل و التفكير و التدوين.

ظبط النفس – إزالة أو إدارة الأشياء التي تجعلك غير فعال.

  • اطلب من شخص ما إجراء تقييم 360 عليك للكشف عن النقاط العمياء الخاصة بك.
  • احصل على مدرب لمساعدتك في تحديد الأهداف.
  • مارس التنفس العميق.
  • خذ الوقت الكافي لتحديد المشغلات العاطفية.
  • مارس الامتنان والتسامح.

نعم أنا أعلم أن هذا يبدو وكأنه الكثير من الزغب. ثق بي رغم ذلك، إذا كنت رئيس نفسك أو موظفو التقارير المباشرة الخاصة بك أو مؤسستك أو شركتك، فمن المهم ممارسة الانضباط الذاتي و ضبط النفس. و لماذا لا يتم إعداد بعض الوقت هذا الأسبوع للتخطيط لاستراتيجيتك؟